الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة تُوّج بجائزة الصقر الذهبي للدورة 36 للفيفاك: قراءة للفيلم الفلسطيني " "صيف مدينة وكاميرا"

نشر في  28 أوت 2023  (11:27)

أُسندت جائزة الصقر الذهبي للدورة 36 للمهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية للفيلم الوثائقي القصير الفلسطيني "صيف مدينة وكاميرا" للمخرج أنس زواهري وإنتاج «ستوريز فيلم».

فيلم "صيف مدينة وكاميرا" للمخرج أنس زواهري يُتوّج بجائزة الصقر الذهبي  للدورة 36 للمهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية

وقد نشرت مجلة رمان الثقافية الفلسطينية الصادرة عن بوابة اللاجئين الفلسطينيين مقالا عن فيلم "صيف، مدينة وكاميرا" جاء فيه مايلي:

"قد يبدو السؤال منطقياً عندما ننطلق من محاولات القبض على المكان، ما الذي تشكله الصور في إطار البحث عن العادي، في مدينة متداخلة ومعقدة مثل دمشق؟ أن أكثر أفكارنا براءة لن تخرج من سياق الذاكرة، ليس لما فيها من شاعرية بل لشدة ما تملكه من تصورات عن هوية المكان، وهذا السياق الذي يدخل فيه فيلم "صيف، ومدينة وكاميرا" عميقاً، ليس للوصول إلى ما ننتجه اليوم من إشكاليات حول ماهية دمشق بل لنكتشف أنفسنا من جديد ونحن نرى المدينة في رتابة تنساق نسبياً إلى العادي والمكرر، لكن أكثر ما يدهشنا في الفيلم أن المدينة حتى في تكرارها تخلق شيئاً من الألفة يمكن أن نستعيد من خلاله أسئلتنا حول كل الذي تركته المدينة بداخلنا وهي تذهب يومياً نحو أكثر أفكارنا رعباً.

نقول عن الأشياء أنها بعيدة عندما لا نستطيع القبض عليها، أو حين تستطيع أن تضع فروقات واضحة بيننا، ولكن الفيلم يعيد صياغة هذه الفكرة، وكأنه يقول في مدينة مثل دمشق حتى أكثر الأشياء حميميةً لن تستطيع القبض عليها، حتى لو كانت جزءاً منا وتعيش بداخلنا، لربما هذا التداخل بين ما نراه وما نبحث عنه في دمشق يتشكل ببطء في الفيلم، فالهدف ليس أن ترى دمشق كما تتخيلها ولا كما تريدها، بل الهدف أن تتأمل الرتابة المريبة التي تنكمش بداخلك وأنت ترى المشاهد المتتالية التي يحاول الفيلم عرضها، ولربما هذا هو الانتصار، أن تخلق عالماً من الأسئلة في سياق ضيق، يحدده الجو العام للفيلم، من خلال اختيارات فنية تضع المشاهد أمام غواية الفهم والتقصي والبحث، خاصة أن خيارات الفيلم ليست جمالية، بل الخيارات تبحث عن محاولات القبض على المساحات العامة في المدينة وهي تذهب عميقاً في الحاضر وكأنه لحظة مستمرة يمكن من خلالها محاكمة الماضي وفهم المستقبل، وفي هذه الاستعارة من الزمن، علاقة متناقضة بين كل الاحتمالات التي تجيب عن سؤال ما الذي نراه في دمشق اليوم ؟ وهذا التعدد هو واحدة من الاحتمالات التي حاول أنس زواهري مخرج الفيلم الإجابة عنها بشكل غير مباشر، من خلال الانتقال من ما هو حميمي وضيق، إلى أماكن أكثر اتساعاً تملك في انسجامها مساحات أكبر للتأويل.

يظهر المكان الذي يلتقطه المخرج بشيء من البراءة، هذه الخيارات للأماكن لا نراها عادةً في شاشات التلفاز، وحتى لو ظهرت تظهر سريعاً وعلى عجل وكأنها مشهد طارئ وغير ضروري، لربما الخيارات التي تشاركنا شيئاً من الخسارة تتضح مع نهاية الفيلم، نحن لا نرى ما يمكن أن نشاركه فقط، بل نرى الزوايا الضيقة التي لم نعد نسمع عنها في دمشق، وهذه ملاحظة تستحق أن نقف عندها، كون المخرج يملك ما يقوله، وما يحاول أن يعيد صياغته مع المدينة، لا يذهب إلى حد الإدهاش، وكأنه ليس من أهدافه، بل الهدف الحقيقي من الفيلم، هو الاستعادة الضمنية لسؤال من نحن وماذا نفعل؟ وهذا لا يحتمل المفاجأة بقدر ما يتسع لكل احتمالات التأويل، حتى في الموسيقى التي يختارها الفيلم تتضح محاولات التمسك بالأسئلة عندما تصبح جميع الأجوبة أكثر ريبة مما نتوقع، من نحن؟ يبدو السؤال ساذجاً، ولكن عندما ترى الوجوه التي تلتقطها الكاميرا في الفيلم تستطيع أن تقبض على هذا الجواب الضمني الذي ينجرف فيه الفيلم، عندما يتطلب الأمر الجمع بين الكسور والصمت، يظهر هذا الفيلم وكأنه محاولة ضمنية لنشرح أشياءنا الجديدة دون أن نكسر حاجز الخوف".